استسقاء الدماغ وباللاتينيه هيدروكيفالس تعني تجمع الماء بالدماغ . والمعنى الأصح هو ازدياد تجمع السائل الشوكي االدماغي داخل التجاويف البطينيه الدماغيه مما يؤدي الى ازدياد ضغط حجرة الدماغ والتسبب بأذى انسجة الدماغ .

طببيعياً يوجد بالدماغ تجاويف بطينيه دماغيه أربعه وبينها ممرات ضيقه ، ويفرز السائل الشوكي الدماغي من داخل التجاويف البطينيه بمعدل نصف لتر يومياً ، ويمر هذا السائل الشفاف من داخل التجاويف البطينيه عبر الممرات الضيقه الى محيط الدماغ والحبل الشوكي لكي يشكل مخده وواقي صدمه حولهما ، وبعدها يُمتص هذا السائل بنفس سرعة افرازه الى الدوره الدمويه مما يعطي اتزان وثبات لحجم السائل وضغطه داخل الدماغ ، ومن وظائف السائل أيضاً توزيع المواد المغذيه للدماغ .

وعند حدوث انسداد بتلك الممرات الموجوده بين تلك البطينات الأربعه ، يتجمع السائل الشوكي الدماغي داخل التجاويف مما يؤدي الى اتساعها وازدياد الضغط على الأنسجه الدماغيه وايذائها . ويسمى هذا النوع من الإستسقاء استسقاءً انسدادياً (Obstructive Hydrocephalus ). وعادة ما يكون الانسداد بالقناه الواصله بين التجويف البطيني الثالث والرابع. ويحدث هذا النوع من الإستسقاء عند حديثي الولاده نتيجة اضطراب خلقي بالممرات المذكوره أو إنسداد القناه عند حدوث ورم أو نزف أو اصابه بمنطقتها أدت الى انسداد تلك الممرات وتحدث بكافة الأعمار الأخرى .



















وعند حدوث اضطراب بسرعة امتصاص السائل الشوكي الدماغي بالأوعيه الدمويه نتيجة حدوث التهاب السحايا أو التهاب الدماغ أو حدوث نزف ، بحيث يكون نسبة امتصاص السائل الشوكي الدماغي للأوعيه الدمويه أقل بكثير من نسبة افراز السائل فيحدث تجمع السائل الشوكي الدماغي بكل التجاويف البطينيه الأربعه مما يؤدي الى اتساعها وارتفاع الضغط الدماغي بداخلها . ويسمى هذا النوع الاستسقاء الإتصالي
(Communicating Hydrocephalus).

أعراض الإستسقاء الدماغي :

أن الأعراض عند الأجنه قد تشاهد من خلال التصوير الصوتي للجنين في رحم والدته وذلك بإزدياد حجم الرأس وتوسع التجاويف البطينيه الدماغيه ، وقد يصاحب الإستسقاء الدماغي الخلقي عيوب خلقيه أخرى مثل القيله العصبيه بالحبل الشوكي . وعند الولاده يكون حجم الرأس كبيراً بالنسبه للوجه ويزداد حجم الرأس بنسبة كبيره لا تتناسب مع نمو المولود الطبيعي .

وعند البالغين ، فإن الأعراض تكون نتيجة ازدياد الضغط الدماغي ومنها : الصداع ، والإستفراغ ، واضطراب البصر ، واضطراب الإتزان ، واضطراب الذاكره والتركيز ، وقد يؤدي الى الموت في حال عدم المعالجته . وتصل نسبة حدوث الإستسقاء الدماغي الخلقي الى واحده من كل خمسمائة ولاده ومعظمها يشخص قبل الولاده أو أثناء الولاده أو بعدها .

تشخيص الإستسقاء الدماغي :

يمكن تشخيص الإستسقاء الدماغي لدى الأجنه بمنتصف العمر الجنيني من خلال التصوير للرحم. وبعد الولاده يمكن التشخيص الدقيق بعد أخذ السيره المرضيه ، والفحص السريري ، والتصوير الطبقي المحوري للدماغ أو التصوير بالمرنان المغناطيسي للدماغ .

علاج الإستسقاء الدماغي :

أن العلاج التقليدي للإستسقاء الدماغي هو جراحي بواسطة زراعة تحويله للسائل الشوكي الدماغي من الدماغ للبطن .( Ventriculoperitonial Shunt :V-P Shunt). نقوم بإجراء هذه العمليه بإستخدام التخدير العام . ومن خلال فتحه صغيره بالجمجمه ندخل انبوبه بقطر 2 ملم الى داخل التجويف البطيني الجانبي الدماغي المتسع ونوصله بصمام خاص يزرع تحت فروة الرأس وموصول أيضاً بإنبوبه رفيعه تحت جلد الرقبه والصدر ومتجه الى البطن حيث ينتهي هناك حول الأمعاء والمعده . وبهذه الطريقه يقوم الجهاز المزروع بتصريف السائل الزائد فقط من الرأس الى البطن لامتصاصه هناك . وطبعاً يكون الجهاز تحت الجلد وتحت فروة الرأس وغير مرئي ولا يحس به المريض ويكون الى الأبد .

وهنالك عمليه أخرى وهي عملية فتح البطين الثالث الدماغي بالمنظار
(Endoscopic Third Ventriculostomy)



















وبدون زراعة جهاز التحويله الدماغيه البطينيه . وتجرى العمليه بواسطة ادخال انبوبه بنهايتها بالون عبر منظار يدخل الى التجاويف البطينيه الدماغيه من خلال فتحه صغيره باعلى الجمجمه . وبعد ادخال الأنبوبه الى قاعدة البطين الدماغي الثالث نقوم بنفخ البالون لكي يحدث فتحه داخليه بين التجاويف البطينيه المتسعه و الفراغات حول الدماغ مما يؤدي الى ايجاد تحويله داخليه لمجاري السائل الشوكي الدماغي . وتجرى هذه العمليه لمرضى الإستسقاء الدماغي ولحالات خاصه ، وقد تعمم هذه العمليه مستقبلاً لمعظم الحالات .

مضاعفات عملية زراعة التحويله الدماغيه البطنيه :

أن عملية زراعة التحويله ليست هي المثاليه لهذا المرض ولكنها لازالت هي الملاذ والأفضل لهذه الحالات . أن المضاعفات قد تنشأ عن انسداد الأنابيب بالدماغ أو البطن أو انسداد الصمام بترسبات بروتينيه أو دمويه ، أو قصر الأنبوب المتجه للبطن نتيجة ازدياد طول المريض خلال نموه الطبيعي . وعند حدوث الإنسداد بالتحويله الدماغيه البطنيه تظهر أعراض ارتفاع الضغط الدماغي عند المريض مثل الصداع ، والإستفراغ ، واضطراب الوعي و التفكير ، و اضطراب البصر ، و قد تؤدي الى فقدان تام للوعي والوفاه اذا لم تعالج بالوقت المناسب وبالسرعه الممكنه . وبهذه الحاله يحتاج المريض الى التشخيص الصحيح للحاله واجراء عملية اعادة فتح الأنابيب المغلقه او استبدال التحويله .

ومن المضاعفات الشديده ، حصول التهاب بكتيري بالتحويله الدماغيه مما يستدعي ازالة التحويله وعلاج المريض بالمضادات الحيويه لمدة اسبوعين على الأقل وتصريف السائل الشوكي الدماغي للخارج ، وبعدها زراعة تحويله دماغيه بطنيه جديده .